تحديات تواجه الاتحاد الإماراتي

شرين يونس-أبو ظبي

رأت أكاديمية إماراتية أن تجربة دولة الإمارات، التي تحتفل هذه الأيام بمرور أربعين عاما على توحدها ضمن فدرالية تجمع إماراتها السبع، أنها تجربة فريدة كونها اشتقت عناصر وجودها من البيئة المحلية وجمعت بين استقلالية كل إمارة وانسجامها في المنظومة الاتحادية، لكنها أكدت وجود تحديات تواجه نظام الدولة الاتحادي تنبغي معالجتها.

وحددت أستاذة التاريخ والآثار بجامعة الإمارات فاطمة الصايغ عناصر استمرارية الاتحاد الإماراتي بالسياسة التي اتبعها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القائمة على إعطاء إمارات الدولة مزيدا من الامتيازات، خاصة تلك التي لا تتمتع بموارد اقتصادية كبيرة كالنفط، عبر العطاءات المادية والمعنوية.

وترى الصايغ أن زايد حرص أيضا على استقلال كل إمارة، فلكل منها تشريعاتها وقوانينها الخاصة، كما أنه لم يلزمها بنسبة مساهمة متساوية بالميزانية العامة للدولة، بل ربط الأمر بحسب دخل كل إمارة، وأكدت أن صانع القرار حرص أيضا على تغليب المصلحة العامة على الخاصة، مما خلق ولاء للاتحاد وسهل عملية الاندماج والتحول من شكل الإمارة إلى الأمة الواحدة.


فاطمة الصايغ أستاذة التاريخ والآثار
بجامعة الإمارات

اندماج منقوص
وبالرغم من أن استقلالية كل إمارة كانت ضمن عناصر نجاح نشأة الاتحاد واستمراريته، ترى الصايغ أن المحلية المفرطة تقع ضمن التحديات التي تواجه الاتحاد، لأن تمسك الإمارات المختلفة بسلطاتها جاء على حساب الاتحادية، "مما أدى إلى إعاقة خطط التنمية أحيانا"، ودعت صناع القرار لضرورة إيجاد حل لتلك المسألة.

وتوضح الصايغ أن زايدا عندما لم يأخذ من الإمارات سلطاتها توقع أن تتنازل هي تدريجيا عن بعض تلك السلطات ليحصل الاندماج الكامل، كإلغاء بعض القوانين المحلية والانسياب ضمن القوانين الاتحادية، وهو ما لم يحدث، كما قالت.

وأضافت الصايغ أن من التحديات الأخرى التي تواجه الدولة الإماراتية قضية الخلل السكاني، قائلة إن "السلطات بدأت بالفعل تطبيق حلول مثل سياسة التوطين والإحلال التي تلزم الشركات والمؤسسات بنسبة توظيف معينة للمواطنين الإماراتيين، لكنها تحتاج لسنوات طويلة لنجاحها".

وذكرت أن سياسات الدولة في التوطين تسير ببطء شديد، مبررة ذلك بأن تدريب الموارد البشرية المحلية وتأهيلها يحتاج لسنوات، وذلك لجعلها تعادل كفاءة الوافدين بصورة تفي باحتياجات الخطط المحلية.


انتخابات المجلس الوطني شهدت إقبالا ضعيفا (رويترز)
الانتخابات الاتحادية
من ناحية أخرى بررت الصايغ ما شهدته انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي جرت في سبتمبر الماضي من ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع بضعف المسؤولية الاجتماعية، مرجعة ذلك ضمن أسباب أخرى إلى الصفة الاستشارية للمجلس الوطني بصورة تدفع المواطن للتساؤل عن جدوى التصويت أو حتى العضوية.

ودعت الأكاديمية الإماراتية لتوسيع صلاحيات المجلس ليشعر المواطن بأنه يمثله، ودعت أيضا لفتح الباب لمختلف الفئات للانتخاب دون وضع قوانين تعوق ذلك.

يذكر أن الانتخابات شهدت أيضا ضعفا في حضور العنصر النسائي، سواء بين المرشحات أو حتى الفائزات، حيث لم تفز سوى امرأة واحدة بالانتخاب عن إمارة أم القيوين من بين 83 مرشحة على مستوى الدولة، في حين تم تعيين ست نساء أخريات على مستوى الدولة.

ووصفت الصايغ هذه النتائج بالانتكاسة بالنسبة للعنصر النسائي، سواء فيما يتعلق بالمجلس الحالي أو الماضي، مرجعة ذلك للثقافة السياسية وضعف الإيمان بقدرة المرأة، وأشادت بما أسمتها "القرارات الفوقية لتمكين المرأة ضمن مناصب عليا بالدولة".

وعن رأيها بما شهدته الإمارات مؤخرا من اعتقالات ومحاكمات للرأي، أكدت الصايغ أن ما تمر به الدول العربية من حراك سياسي كان له تأثيره على الإمارات، وقالت إن "حدود الرأي الموجودة بالدولة كان يمكن استغلالها بشكل إيجابي لو كانت الآراء قيلت بشكل أفضل وفي توقيت آخر".






المصدر: الجزيرة